CELEBRITIES- إكرام زايد _
فتحت الدورة السادسة من مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي باب النقاش واسعًا حول العلاقة الملتبسة بين السينما العربية والدعم الدولي، وحدود الحرية التي تحكم هذا المجال، وذلك من خلال ندوة حملت عنوان: “السينما المستقلة بين إملاءات الدعم الدولي ومرآة المجتمع: حدود الحرية وحدود التمويل”، احتضنتها قاعة سينما “ريدز” يوم الاثنين 16 يونيو 2025.
الندوة التي أدارتها الإعلامية فاطمة النوالي آزر، جمعت أسماء بارزة في المشهد السينمائي العربي، وهم المخرج المغربي هشام العسري، والناقدة التونسية هندة حوالة، والمخرج العراقي أحمد ياسين الدراجي، والمخرجة الأردنية دارين ج. سلام. وقد شكّلت تجاربهم الخاصة أرضية حيوية لإثارة إشكاليات الندوة، كل من زاويته ومرجعيته المهنية.

الناقدة التونسية هندة حوالة، التي راكمت تجربة ضمن لجان قراءة سيناريوهات لصناديق دعم دولية، شددت على استقلالية عمل هذه اللجان، مؤكدة أنها لم تتعرض قط لأي توجيهات أو ضغوطات من شأنها تقييد حرية صناع الأفلام.
قالت “لم أتلق يوما أي تعليمات، ولا توجد خطوط حمراء تُفرض على صناع السينما العرب في كتاباتهم. لجنة القراءة تعمل بحرية تامة، لكن القرار النهائي لدعم المشروع يظل بيد الجهة المنظمة للصندوق أو المسؤولين داخل الدولة”.
من جانبه، أشار المخرج المغربي هشام العسري إلى أن مسار التقديم لصناديق الدعم يتطلب الكثير من الجهد والمناورة، دون أن يعني ذلك الخضوع لإملاءات. وقال
“لم يُطلب مني يومًا الالتزام بمحتوى معين. الأمر يتطلب إقناعا وإصرارا، لكنني أؤمن بأن الأهم هو إنجاز الفيلم، وليس انتظار دعم قد لا يأتي. صناديق الدعم تديرها إدارات مؤقتة، والمخرج عليه أن يشتغل بأفق فني لا إداري”.
وانطلقت المخرجة الأردنية دارين سلام في الحديث عن صناديق الدعم، من تجربتها الشخصية مع فيلمها “فرحة” والذي صورته رغم هزالة الدعم الذي حظي به من جهة وحيدة، مستعرضة مختلف التضحيات والجهود التي بذلتها في سبيل إنجاز العمل.
المخرجة الأردنية دارين سلام تقاسمت تجربتها الشخصية مع فيلمها الشهير “فرحة”، الذي تناول نكبة فلسطين سنة 1948، موضحة أنها صورته بميزانية محدودة ودعم وحيد، نتيجة حساسية موضوعه، الذي لم يلقَ ترحيبًا في معظم صناديق الدعم. وقالت إن الفيلم لم يكن ليرى النور لولا الإصرار والتضحيات.

أما المخرج العراقي أحمد ياسين الدراجي، فانطلق من تسليط الضوء على حدود الحرية في بلده العراق مقسما الفترة الزمنية إلى عهدين: عهد صدام حسين وعهد ما بعد الثورة سنة 2003، موضحا أن مجال الحريات شهد انفتاحا أكبر ولكن تمويل الأعمال شهد تراجعا بين العهدين.
وقدم المخرج العراقي شهادته مع صناديق الدعم، ملخصا إياها في عدم استقلالية الأخيرة من خلال اشتغالها على أجندات معينة أو مصالح محددة، رغم الاستقلالية التي تمنحها للجان قراءة السيناريوهات داخلها. ولذا فإنه أكد على أنه “يتوجب على صناع الأفلام السينمائية الإيمان بتنفيذ مشاريعهم، مهما كانت العراقيل والضغوطات التي تواجههم في سبيل ذلك”.
أما المخرج العراقي أحمد ياسين الدراجي، فقد قارب حدود الحرية والتمويل من منظور زمني، قسّم فيه تاريخ العراق إلى ما قبل سقوط نظام صدام حسين وما بعد 2003. وأوضح أن هامش الحرية قد اتسع بعد الثورة، لكن في المقابل شهدت فرص التمويل تراجعًا لافتا.. وفي تقييمه لصناديق الدعم، عبّر الدراجي عن قلقه من خضوعها لأجندات معينة رغم استقلالية لجان القراءة داخلها، داعيا صناع السينما إلى المضي قدما في مشاريعهم مهما كانت الصعوبات “علينا أن نؤمن بأفلامنا ونقاتل من أجلها، لأن الدعم قد لا يأتي، لكن الشغف لا يجب أن يتوقف”.