محمد الغاوي.. رحلة العبور من سلا إلى الرباط لحضور تسجيل مواهب (الحلقة 3)

celebrities10 أغسطس 2025

CELEBRITIES- إكرام زايد –

كان الطفل محمد الغاوي مولعا بمتابعة برنامج “مواهب” لصاحبه الفنان القدير الراحل عبد النبي الجيراري والذي كان يبث إذاك على شاشة التلفزة المغربية بالأبيض والأسود مساء كل يوم أحد، وحينها كان مازال عضوا في جمعية “الجيل الصاعد” التي قدم وإياها العديد من العروض الفنية..

ففي تلك الفترة، لم يكن الطفل محمد الغاوي واحدا من الجماهير المغربية التي كانت تحرص أشد الحرص على مواكبة حلقات برنامج “مواهب”، بل إن شغفه بالفن والموسيقى امتد إلى أبعد من ذلك وتجلى في حضوره إلى مقر الإذاعة والتلفزة المغربية للحظو بشرف لقاء الفنان عبد النبي الجيراري بصفته عرابا للبرنامج من جهة، ولمعاينة مجريات الحلقات عن كثب من جهة ثانية…

كل كذلك كان تمهيدا لخطوة مستقبلية أخرى، تلخصت في تجربة خاصة سيعيشها في كنف  “مواهب” لا كمطرب مبتدئ بل كمحافظ للبرنامج.. لكن وقبل رواية محمد الغاوي لتفاصيل الالتحاق بفريق عمل برنامج “مواهب”، توقف لحظات تذكر فيها كيف كان يعبر من سلا إلى الرباط عبر وادي أبي رقراق لمتابعة تسجيل الحلقات، وكشف فيها أيضا كيف اهتدى به فكره وقاده إلى وضع خطة محكمة للقاء بالجيراري أولا ثم الاشتغال معه ثانيا..

يقول “كنت مدمنا على الذهاب كل يوم الأحد لاستوديو التمسماني بالإذاعة والتلفزة المغربية للحضور في تسجيل البرنامج الذي كان يبث حينها باللونين الأبيض والأسود.. كان البرنامج شهيرا جدا وصيته ذائعا على الصعيد الوطني تحت إشراف صاحبه ومبدع فكرته الفنان الراحل عبد النبي الجيراي. وأتذكر أني كنت في كل يوم أحد أجتاز القنطرة الفاصلة بين سلا والرباط سباحة فيما َأدع ملابسي على أحد الزوارق التي تعبر من سلا إلى الرباط مقابل 0.10 درهم..أما في حالة توفري على مبلغ 0.25 درهم كنت أستقل الحافلة”..

ولشغفه وولعه الكبير بالموسيقى والفن، ورغبته الأكيدة في متابعة ما يقع في تسحيل برنامج “مواهب”، فإن ضائقة اليد لم تحل دون التحاقه بعين المكان حيث لم يتوان في عبور المسافة الفاصلة بين سلا  والرباط مشيا على الأقدام وعمره لم يتعد عمري  14 سنة.

وأمام مدخل مقر الإذاعة والتلفزة المغربية، جرت للطفل محمد الغاوي حكايات عديدة لم تزده إلا تشبثا وإصرار في الانتماء إلى أسرة “مواهب” .يقول بهذا الصدد “كنت أمنع من الدخول للإذاعة من قبل أحد رجال الأمن الذي لم يكن يسمح في فسح المجال آمام الأطفال بالدخول، قائلا لنا بالحضور في تصوير “باحمدون” الخاص بالأطفال والذي كان يشرف عليه الراحل ادريس العلام بدل “مواهب” الخاص بالشباب..فيما كنا نحظى بهاته الفرصة حين كان يوجد الفنان الراحل الطاهر سباطة الذي كان يشغل حينها وظيفة رجل أمن ربطته علاقة متينة بالفنان الراحل عبد النبي الجيراري والعديد من الملحنين وكتاب الكلمات، كما كان يهتم بالتعرف إلى الأصوات الغنائية الجديدة التي تشارك في “مواهب”..

في كل مرة كان يحضر فيها محمد الغاوي لتسجيل برنامج “مواهب، يزداد حماسه للمشاركة في فعالياته متدارسا الخطة التي يتوجب عليها سلكها من زجل تحقيق غايته. يقول “في كل مرة كنت أتدارس بيني وبين نفسي الطريق الذي سأسلكه للوصول إلى هدفي الذي أضعه نصب عيني وهو المشاركة في برنامج “مواهب” ولكن يبقى في كل ذلك المدبر والموجه والموفق هو الله تعالى”..

وقبل خوضنا أكثر في تفاصيل مرتبطة بولوج محمد الغاوي بمدرسة “مواهب”، فإنه لابد من الحديث عن فترة دراسته الابتدائية التي تابعها في مدرسة ابن بطوطة بسلا حيث أخفق في الحصول على الشهادة الابتدائية، وهو ما جعل والده يفطن إلى مسألة تغيير المدرسة واختيار مؤسسة النهضة لصاحبها أبو بكر القادري أحد الموقعين على وثيقة الاستقلال، والمعروفة إذاك بمستواها الجيد وسمعتها الممتازة وشهرتها بين مختلف المدارس في تلك الفترة.. يقول “درست بالمدرسة المحمدية التابعة لمؤسسة النهضة، ونجحت في تلك السنة والتحقت بثانوية القادري الحرة التي درس بها أعيان مدينة سلا”..

واصل الطفل محمد الغاوي حضور تسجيل محمد الغاوي لحلقات “مواهب”، في كل مرة كان يتحين فرصة المشاركة والحظو بشرف المثول أمام ناظر عبد النبي الجيراي..

ولأن الرياح تجري بما لا تشتهيه السفن فإن الغاوي لم يقنع عراب البرنامج بمستوى أدائه، فسارت الحكاية نحو مسالك أخرى ستشكفها الحلقة الرابعة من سيرة الفنان الراحل محمد الغاوي..

(يتبع)

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :يشترط في التعليقات عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم