محمدالغاوي.. رحلة حب ووفاء وولاء لملكين (الحلقة 11)

celebrities18 أغسطس 2025

CELEBRITIES- إكرام زايد –

وقوف محمد الغاوي أمام حضرة الملك الراحل الحسن الثاني شكّل محطة مهمة في مساره الفني والشخصي، كما اعتُبرت مشاركته في مختلف الملاحم الوطنية والمناسبات الرسمية نقطة مضيئة على امتداد مشواره، الذي قدّم فيه عشرات الأعمال الغنائية التي بصمت الذاكرة الجماعية للمغاربة، والتي أداها في مختلف المهرجانات والاحتفاليات الوطنية والعربية والدولية.

أما أول مرة وطئت فيها قدما محمد الغاوي القصر الملكي فكانت سنة 1986، حين التقى المغفور له الملك الحسن الثاني بفضل الملحن القدير عبد الله عصامي. لكن قبل أن يجتاز الغاوي هذا الاختبار أمام حضرة الملك الراحل، تلقى العديد من النصائح والإرشادات من الملحن عصامي.

عن تفاصيل ما سبق هذا اللقاء يقول: “كنت خائفًا وامتلكتني الرهبة لأن السي عصامي أرعبني بكثرة التوجيهات التي قدّمها لي قبل الوقوف أمام حضرة الملك الحسن الثاني، وأذكر أنّه من بين ما قاله لي حينها أن لا أوجّه بصري نحو جلالته ولا أُطيل النظر فيه، لأن ذلك قد يرعبني ويفقدني التركيز في الغناء، إضافة إلى الهبة الكبيرة التي كان يتمتع بها المغفور له الحسن الثاني”.

أما مجريات هذا اللقاء الأول الخاص، فَرواها محمد الغاوي بقوله: “أول امتحان عسير اجتزته أمام حضرة الملك الراحل الحسن الثاني كان سنة 1986 بمدينة سلا، حيث أديت أمامه أغنية نسائم الذكرى بمصاحبة عزف الجوق الملكي، وكنت حريصًا على تنفيذ توجيهات السي عصامي. وعندما انتهيت من الغناء سلّمت على صاحب الجلالة، وسعدت كثيرًا حينما أبدى إعجابه بي، فطلبت منه الدعاء معي فقال رحمه الله: سير آ ولدي ما يكون غير الخير. أما الملحن القدير عبد الله عصامي فقال لي عقب هذا النجاح: استعد للأعداء بعد هذا النجاح، ولا يزدك هذا إلا شهرة وقوة وإصرارًا على مواصلة مسيرتك الفنية رغم كل العراقيل والصعوبات التي قد تعترضك في طريقك”.

رافقت الجملة التي وجهها الملك الراحل الحسن الثاني إلى محمد الغاوي الأخيرَ في مسيرته الحياتية والفنية، وأثرت في نفسيته على امتداد السنوات، حتى إنه كان يبكي وهو يستحضرها ويروي تفاصيل الحكاية لجريدة الأحداث المغربية. يقول: “لن أنسى أبدًا جملة الحسن الثاني، لأنه، ولله الحمد، ومنذ ذلك اليوم وأنا أعيش في نعم الله وخيراته عليّ وعلى أفراد أسرتي”.

ولأن علاقة الملك الراحل الحسن الثاني بالفنانين المغاربة كانت مميزة وخاصة، فإن محمد الغاوي لم يُستثنَ من هذه القاعدة، إذ كان بدوره يُختار للمشاركة في مختلف المناسبات والاحتفاليات التي يحتضنها القصر الملكي، كما شارك في العديد من الملاحم الوطنية إلى جانب أشهر الفنانين المغاربة. وهنا يذكر الغاوي أنه كان عضوًا ضمن الطاقم الفني الذي شارك في الأجزاء الثلاثة لملحمة العهد لصاحبها الفنان القدير حسن الجندي.

عن تلك التجربة المتميزة يقول الغاوي: “بعثنا صاحب الجلالة الملك الراحل الحسن الثاني لإعادة افتتاح دار الأوبرا المصرية في القاهرة بمناسبة إصلاحها وترميمها، حيث أدّينا هناك ملحمة العهد، وقدمتُ أغنية داني داني بمصاحبة عزف الجوق الملكي، وهي من كلمات الفنان القدير حسن الجندي وألحان محمد بلخياط. كما قدمنا هذه الملحمة عدة مرات على خشبة مسرح محمد الخامس بالرباط”.

ولأهمية مشاركة محمد الغاوي في الغناء بالقصر الملكي وفي العديد من المناسبات الخاصة بالعائلة الملكية والمناسبات الوطنية، فقد شكّلت وفاة الملك الراحل الحسن الثاني حدثًا حزينًا أثّر في نفسيته، كما اهتز على وقعه الشعب المغربي وباقي دول العالم. غير أن جرح وفاة المغفور له لم يندمل إلا مع وريث عرشه جلالة الملك محمد السادس، بفضل عنايته بالفنانين المغاربة ورعايته لهم.

يقول الغاوي عن جلالة الملك محمد السادس: “كنتُ ابن الدار وما زلت، لأن جلالة الملك محمد السادس يعتز بالفنانين المغاربة، يلتقيهم، يعتني بهم ويرعاهم. كما أن جلالته يوشح في كل سنة فنانًا مغربيًا ضمن لائحة الموشحين، وهذا معناه اعتراف بدور الفنان في المجتمع، وتأكيد على أن جلالته مدرك لكون الفنان سفيرًا لبلده. نحن سفراء للمغرب بحبنا لوطننا وملكنا وشعبنا، وحينما نكون فوق خشبات المسارح داخل المغرب وخارجه نحاول أن نكون في مستوى هذا التمثيل والثقة الموضوعة فينا من قبل جلالة الملك والوطن والشعب المغربي”.

ويختم الغاوي حديثه عن الملك محمد السادس بقوله: “لقد منحنا جلالته جميعًا، كمواطنين مغاربة، قيمة مضافة على النطاق العالمي، بالنظر إلى الجهود الكبيرة التي يقوم بها على صعيد إفريقيا، وبالنظر إلى نعمة الاستقرار التي تنعم بها بلادنا مقارنة بالعديد من البلدان العربية التي شهدت ثورات أدت إلى عدم الاستقرار”.

(يتبع)

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :يشترط في التعليقات عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم