CELEBRITIES- إكرام زايد –
لم تكن المكانة التي بلغها الفنان محمد الغاوي في الساحة الفنية أمرًا هيّنًا، بل كانت ثمرة مسار مليء بالصعوبات والتحديات التي لم تُثنِ عزيمته ولم تُقلّص من إرادته في أن يصبح اسمه يومًا ما من بين أبرز الأسماء الفنية المغربية.
ولعل أول تلك العراقيل ما أعقب تتويجه في مسابقة “أضواء المدينة”، بحكم صعوبة تعامل مطرب شاب مع زجّال كبير بقيمة وقدر الراحل علي الحداني.
ومع ذلك، لم يتراجع الغاوي الشاب حينها عن طموحه، بل أصرّ على أن تكون انطلاقته قوية من خلال التعاون مع اسم وازن في عالم الزجل المغربي، عُرف بإسهاماته الكبيرة في نجاحات الأغنية المغربية نهاية السبعينيات والثمانينيات. وهنا يبرز دور المنتج الراحل حميد العلوي، الذي ذلّل العقبات أمام الغاوي، وأقنع الحداني بأن يمنح كلماته المتميزة لشباب مازالوا في بداية الطريق الفني.
مسيرة العقبات لم تتوقف هنا، بل رافقت الغاوي في مختلف مراحل مشواره، حيث كان لكل مرحلة تحدياتها الخاصة. ولعل أصعبها تلك التي أعقبت غنائه في القصر الملكي ووقوفه أمام الملك الراحل الحسن الثاني، لما مثّله ذلك من إضافة نوعية لمساره الفني.
وعن هذه المرحلة يروي الغاوي نصيحة الملحن القدير عبد الله عصامي له قائلا: “بعد إطراء المغفور له الحسن الثاني على أدائي أمام حضرته، قال لي السي عصامي بالحرف: خاصك تعرف آ ولدي أنه من اليوم غادي يكثر عديانك وعديان النجاح، خاصك تكون مستعد ليهم وموجد راسك للمعارك اللي جاية.”

وعند حديث الغاوي عن مسيرته الفنية والمكانة التي وصل إليها، كان دائم التوقف ليؤكد أنه شد عضده دومًا بحبل الله تعالى وبإيمان قوي به، مستحضرًا دعوات والدته التي كانت له سندًا بعد رحيل والده قبل 24 سنة. ويقول في هذا السياق:
“مؤكد كانت هناك محطات عسيرة في المسيرة الفنية، لكن بفضل عزيمتي وصبري والدعاء إلى العلي القدير، اجتزت المحن بفضل الله. وهو أمر طبيعي عاشه جميع الفنانين، خصوصًا في مرحلة البدايات. والحمد لله أني مازلت حاضرًا في الوسط الفني، ومناضلًا أواصل السير في طريق الفن الذي اخترته عن حب واقتناع.”
وعلى امتداد أكثر من ثلاثين سنة من العطاء الفني، لم يندم الغاوي يوما على اختياره الفني، معتبرًا أن حب الجمهور لا يعادله شيء في العالم. ويقول: “الفن جزء من حياتي، هو بمثابة الدم الذي يسري في عروقي، لذلك لم أندم أبدًا على هذا الطريق الذي سرته بعشق وولع كبيرين. حب الناس منحني الكثير، وزادني قيمة وتشريفا في هذا الوطن.”
وبإيمانه بصعوبة الممارسة الفنية في المغرب، اختار الغاوي العمل في مجال المقاولات والبناء، اقتداء بوالده الراحل، وهو ما ساعده على تجاوز العثرات المادية. ويضيف: “ألهمني الله تعالى للاشتغال في مجال المقاولات والبناء لضمان الاستقرار المادي لأسرتي الصغيرة، ولأني مدرك أن الفن ما ميوكلش الخبز في المغرب.. ولهذا بقيت متشبثًا دومًا بوظيفتي في سلك التعليم، ولم أتخلَّ عنها يوما.”

وفي حديثه عن مساره، لم ينسَ الغاوي أن يذكر الأسماء الفنية المغربية التي اشتغلت معه، مؤكدا أن الوفاء والإخلاص لصداقاته سمتان تمسك بهما طوال حياته. ويقول: “أشكر كل الفنانين والملحنين والموزعين الموسيقيين، وأقف احتراما وتقديرا لهم جميعًا، على رأسهم الراحل عبد القادر الراشدي، والسي عبد الله عصامي، والراحل أحمد الطيب العلج، وعز الدين منتصر، ومولاي أحمد العلوي، وصديقي محمد بلخياط، والسي علي الحداني، وأحمد الكورتي.. أشكر كل هؤلاء الذين جعلوني أقدّم مجموعة من الأغنيات التي شكّلت باقة زهر. كما أدين بالشكر والامتنان للإذاعة الوطنية والتلفزة المغربية والإعلام المغربي، ولكل الموسيقيين الذين ساندوني يوما ما.”
(يتبع)
