محمد الغاوي.. نهاية غضبة عبد النبي الجيراري (الحلقة 12)

celebrities19 أغسطس 2025

CELEBRITIES- إكرام زايد –

رغم مرور السنوات، ورغم أن محمد الغاوي أصبح من بين الأسماء الفنية الوازنة على الساحة الفنية المغربية، ظل شيء ما عالقا في نفسه تجاه أستاذه ووالده الروحي، عراب برنامج “مواهب”، الفنان الراحل عبد النبي الجيراري.

فبرغم كل النجاحات التي حققها الغاوي، وبالرغم من الحب والاحتضان الجماهيري الذي حظي به طيلة مسيرته الفنية، ظل عزمه قائمًا على تذويب الجليد الذي خيم على علاقته بالجيراري، مترقبًا الفرصة المناسبة لذلك، ومتوجسًا في الآن ذاته من رفض محتمل قد يعيده إلى نقطة الخلاف.

شاءت الأقدار أن تجري السنوات وتمضي العقود، ليحين موعد الصلح في يوم من أيام سنة 2006. كانت المناسبة مسابقة نظمتها الإذاعة الوطنية لاختيار أفضل أغنية مغربية للعام وتتويجها بالجائزة الكبرى.

في هذه المسابقة شارك الغاوي بأغنية من إنتاج وزارة الثقافة، تناولت موضوع الإرهاب، بكلمات الشاعر محمد الجباري وألحان عز الدين منتصر. وتشاء الأقدار أن تُتوج الأغنية، فيتسلم الغاوي جائزته من يد الفنان الجيراري نفسه.

ويحكي الغاوي تفاصيل تلك اللحظة قائلا “فزت بمسابقة الإذاعة الوطنية، ومنحني السي عبد النبي الجائزة على خشبة مسرح محمد الخامس بالرباط، أمام أنظار الجميع، وبُث الحفل على أمواج القناة الأولى. كان لقاء استثنائيا غلبت عليه الدموع والعناق والحب، ومنذ تلك اللحظة سارت علاقتي مع السي عبد النبي في منحى جديد، مغاير تمامًا لما سبق”.

غير أن الابن البار محمد الغاوي لم يتوقف عند حدود هذا التصالح الأولي، الذي خفف من حدة الجفاء الذي ظل يحمله الجيراري تجاهه عقب خروجه من مدرسة “مواهب” والتحاقه ببرنامج “أضواء المدينة”. فقد اعتاد الغاوي على زيارة أستاذه في العديد من المناسبات والأعياد الدينية، إلى أن وافاه الأجل المحتوم.

ويقول الغاوي عن ذلك: «استمرت علاقتنا إلى أن ودعت السي عبد النبي إلى مثواه الأخير. وفي ذكرى رحيله الأربعينية نظمنا حفلا تأبينيًا كبيرًا بمسرح محمد الخامس بالرباط، اعترافًا بمجهوداته وفضله في اكتشاف أهم الأصوات الغنائية في الساحة المغربية».

وفي سياق موازٍ للحديث عن مسيرة الغاوي الفنية، لا بد من التوقف عند محطة مشاركته في الأعمال الدرامية التلفزيونية. البداية كانت مع مسلسل “راضية” سنة 1992، الذي شكّل فاتحة خير على مساره الفني.

يقول الغاوي عن هذه التجربة: «كنت دائمًا أحب المسرح، وكنت في بداياتي ممثلا مع فرقة مسرح “الجبل الصاعد”. لذلك لم أتردد عندما اقترح علي المخرج محمد عاطفي المشاركة في مسلسل “راضية”، الذي عُرض خلال شهر رمضان على شاشة التلفزة المغربية. وقد حقق المسلسل نجاحًا جماهيريًا واسعًا وأثار ضجة كبيرة. في هذا العمل قدمت أغنية “الولاد آ الولاد”، التي كانت إضافة نوعية لمساري الفني».

لم تكن تجربة “راضية” الوحيدة، إذ تلتها مشاركة الغاوي في الفيلم التلفزيوني “وتستمر الحياة” للمخرج مصطفى فاكر، حيث تقمص دورًا بطوليًا إلى جانب ثلة من أبرز الفنانين المغاربة، من بينهم الراحل حمادي عمور، ونعيمة إلياس، وفاطمة خير.

كل ذلك كان تحضيرًا لمرحلة مسرحية بصمها الفنان الكبير الطيب الصديقي من خلال عمله “أصوات وأضواء”. عن تفاصيل هذه المشاركة يقول الغاوي: «كان عملًا ضخمًا قدمناه في وادي أبي رقراق بمناسبة عيد الشباب. اختارني الصديقي للمشاركة لأنه كان يبحث عن مطرب يتقن تقمص الدور وركوب الخيل معًا. وأذكر أن المرحوم أبو الصواب سألني إن كنت أجيد ركوب الخيل، فأجبته بالإيجاب. طلب مني الحضور في اليوم الموالي، وعندما حضرت وركبت فرسًا أمام الصديقي استحسن الأمر ونلت قبوله، فكانت مشاركتي في هذا العمل الكبير».

بعد هذه التجربة التي حملت توقيع الطيب الصديقي، عاد الغاوي ليشارك في ملحمة “العهد” بأجزائها الثلاثة، من إبداع الفنان القدير حسن الجندي. وهي تجربة شكلت بدورها إضافة نوعية لمسار فنان متنوع لم يكتف بالغناء، بل تجاوز ذلك إلى التمثيل والإطلالة عبر بوابة التلفزيون، من خلال الملاحم الوطنية الكبرى التي عُرضت في مناسبات عدة، وشكلت بعض محطاتها إضافات راسخة في ذاكرة المغاربة جميعا.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :يشترط في التعليقات عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم