محمد الغاوي…التسجيل بين بنعبد السلام وبن ددوش والبيضاوي

celebrities16 أغسطس 2025

CELEBRITIES- إكرام زايد –

حين سلم الراحل الكبير علي الحداني إلى الملحن الشاب محمد بلخياط والمطرب الصاعد محمد الغاوي كلمات أغنيته البديعة “الغربة والعشق الكادي”، عقب استماعه إليهما وهما يؤديانها أمامه في بيت المنتج القدير حميد العلوي، وبحضور زوجته آنذاك الفنانة فاطمة المقدادي، أدرك الشابان جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهما. فمكانة الحداني المرموقة في الساحة الفنية الوطنية من جهة، وإيمان الغاوي الراسخ بأن “الغربة” ستكون ميلاده الفني الحقيقي كمطرب من جهة أخرى، جعلاهما على يقين أن الغناء بتوقيع علي الحداني يعني النجاح المؤكد.

كان اجتياز هذا الامتحان الصعب أمام الحداني رحمه الله مجرد نقطة بداية، إذ كان في انتظار الغاوي وبلخياط خوض مراحل أخرى أكثر صعوبة حتى ترى الأغنية النور. فالخطوة الثانية كانت تسجيل العمل ليُبث عبر أمواج الإذاعة الوطنية، وهي تجربة لم تكن سهلة على الإطلاق. ويكشف الغاوي تفاصيلها قائلا “التقى المنتج حميد العلوي بالموسيقار محمد بنعبد السلام لبحث إمكانية تسجيل الأغنية بمصاحبة الجوق الوطني، غير أن الأخير رفض، واقترح أن تسجل بمرافقة أحد الأجواق الجهوية”.

لم يرق هذا الاقتراح لمحمد الغاوي، فاختار أن يسلك طريقا آخر لتحقيق حلمه. ويروي قائلا: “رفضت التسجيل بمرافقة الأجواق الجهوية، ولأجل ذلك قصدت السي أحمد بن ددوش، مدير الإذاعة الوطنية آنذاك، وكان اللقاء به يتطلب تحديد موعد مسبق عبر كتابته الخاصة. وبعد أن عرضت عليه الموضوع وما جرى بخصوصه، وافق مبدئياً على تسجيل الأغنية مع الجوق الوطني، على أن يتطلب ذلك موافقة السي أحمد البيضاوي، رئيس قسم الموسيقى بالإذاعة الوطنية حينها.”

بادر أحمد بن ددوش بالاتصال الهاتفي بالموسيقار الراحل أحمد البيضاوي، ليجد الغاوي نفسه أمام تحدٍ جديد يتمثل في مقابلته وإقناعه. يقول الغاوي: “كان من الصعب جدا لقاء السي أحمد البيضاوي، إذ كان يشرف على تنظيم نوبة الجوق الوطني. وبعد محاولات متكررة، استقبلني في مكتبه حيث وجدت بمعيته الفنان الراحل عبد القادر الراشدي، والفنان عبد العاطي آمنا، وجمال الدين بنشقرون”.

مضيفا “قدمت له نفسي، فأثنى على أدائي في برنامج أضواء المدينة، كما أشاد بأداء الراحلة رجاء بلمليح. وبعدها عرضت عليه طلبي، فقبله، وتمكنا فعلاً من تسجيل أغنية الغربة بمصاحبة الجوق الوطني بالإذاعة الوطنية سنة 1982.”

ورغم تحقق هذا الإنجاز، لم يكن التسجيل مع أفراد الجوق الوطني بالأمر الهيّن على الشابين الغاوي وبلخياط، فهؤلاء كانوا أساتذة كباراً برئاسة عبد القادر الراشدي. يصف الغاوي التجربة قائلا: “كان الأمر امتحانا عسيرا. جلس بلخياط وعزف الأغنية كاملة أمامهم قبل أن يلقنهم لحنها بالسماع. وحين بدأ الغناء ظهرت على وجوههم علامات التأثر والإعجاب التي بلغت حد الصراخ… وسط ذلك الإعجاب والحب سجلنا الأغنية، ومنحتها نكهة خاصة الصولوهات البديعة لعازف الساكسوفون المبدع محمد الشريف، وعازف السانتي محمد عمار، اللذين كانا حينها ضمن الجوق الملكي. وقد انضما إلينا بتصريح من رئيس الجوق الملكي عبد السلام خشان. الأجمل أنهما سجلا معنا دون أي مقابل مادي، ما اعتبرناه دعما وتشجيعاً كبيراً لنا في بداياتنا الفنية.”

وبعد تسجيل أغنية الغربة وبثها عبر الإذاعة الوطنية، بدأ الشابان يتذوقان طعم النجاح والشهرة شيئاً فشيئاً. ففي أقل من شهر، احتلت الأغنية المرتبة الأولى في المسابقة التي كانت تنظمها الإذاعة لاختيار أفضل الأعمال الغنائية بناءً على طلبات المستمعين، قبل أن تصبح من أنجح أغنيات الموسم الغنائي لسنة 1982. وهكذا حقق محمد الغاوي انتشاراً واسعاً، وقرر مع رفيق دربه محمد بلخياط مواصلة مسيرة النجاحات معا.

(يتبع)

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :يشترط في التعليقات عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم