CELEBRITIES- إكرام زايد –
تصدرت أغنية “الغربة والعشق الكادي” مسابقة أفضل الأغنيات لموسم 1982، بفضل انتشارها الجماهيري الواسع وكثرة طلبات المستمعين عبر الإذاعة الوطنية.
لقد كان النجاح الذي حققته هذه الأغنية استثنائيا، ورغم أنه تجاوز حدود الوطن فإنه شكل في الوقت نفسه حجر عثرة في مسيرة محمد الغاوي الفنية، بعدما وجد نفسه عاجزًا عن تجاوز نجاحها رغم تقديمه لأعمال ناجحة أخرى.
يقول الغاوي عن علاقته بالأغنية: “تربطني بها علاقة حب خاصة، أعتبرها واحدة من بناتي وجزءا لا يتجزأ مني. غير أن نجاحها ابتلع نجاحات باقي أغنياتي، فرغم ما قدمت لاحقا من أعمال لاقت صدى طيبا، ظلت “الغربة” متفوقة على كل ما جاء بعدها.. هي لعنة إيجابية جعلت منها الأغنية الفائزة بين كل أعمالي.”
نجاح “الغربة” لم يقتصر على المغرب، بل رافق الغاوي في جولاته عبر المهرجانات العربية والأوروبية والأمريكية. يقول: “لقد جُلت العالم بأغنية الغربة، فأينما حللت كانت الجماهير تطلب مني أداءها. ولعل سر هذا النجاح يعود إلى موضوعها الذي يلامس أوتار الغربة، وحب الوطن، وحب الأم.. مشاعر إنسانية تخاطب كل إنسان مهما كانت جنسيته أو ديانته. وزادها روعة اللحن الذي أهداني إياه صديقي محمد بلخياط، والذي عبّر بصدق عن لوعة المغترب الممزق بين نار الغربة ونار استحالة العودة إلى الوطن حيث الأم.”
المفارقة في مسيرة محمد الغاوي أنه وازن بين التدريس والفن لسنوات طويلة. فقد تخرّج من مدرسة المعلمين سنة 1978، وكان وقتها يشارك في برنامج “مواهب” تحت إشراف الراحل عبد النبي الجيراري. ويروي تفاصيل تلك المرحلة قائلاً:
“حين صدر قرار تعييني في مدينة أكادير، توجهت إلى أستاذي الجيراري مخبرًا إياه برغبتي في البقاء في البرنامج، فبادر بالتدخل لدى السي الركراكي نائب وزير التعليم الابتدائي آنذاك، ليُغيَّر تعييني إلى تمارة ثم إلى مدينتي سلا. كنت أمارس مهمة تدريس اللغة العربية، إلى جانب الفن الذي منحني شهرة واسعة، سواء داخل الوسط التعليمي أو خارجه.”

ظل الغاوي يجمع بين التدريس والفن إلى أن تغيّر الوضع بتدخل مباشر من الملك الراحل الحسن الثاني، حيث استفاد من وضعية “رهن الإشارة” وفق قانون الوظيفة العمومية. وكان لقاؤه الأول بالملك في حفل زفاف صاحبة السمو الملكي الأميرة لالة أسماء، إذ أدى دويتو “ألف هنية وهنية” إلى جانب الفنانة فاطمة المقدادي بمصاحبة الجوق الملكي. الأغنية التي كتبها فتح الله لمغاري ولحنها العربي الكوكبي، سرعان ما تحولت إلى لازمة في حفلات الزفاف المغربية.
ويتوقف الغاوي متأثرًا وهو يستحضر هذه الذكرى، قائلا: “كان لقائي بجلالة الملك محطة فارقة في حياتي، لحظة ما زالت تسكنني إلى اليوم. لم يكن مجرد لقاء فني، بل علامة غيّرت مساري الشخصي والمهني.”
ويضيف “لقد كان الملك الحسن الثاني رحمه الله راعيًا للفنانين المغاربة، قريبا منهم، مشجعا لهم. لم تكن تمر مناسبة وطنية أو دينية أو خاصة بالعائلة الملكية دون أن نكون إلى جانبه، سواء في حفلات الزفاف أو في مناسبات مثل “شعبانة”.”
أما اللقاء الأول الذي جمع الغاوي بالملك الحسن الثاني فكان سنة 1986، بفضل الملحن عبد الله عصامي، لأداء أغنية “نسائم الذكرى” من كلمات محمد الحبيب الإمام، بمصاحبة الجوق الملكي.
وتتواصل فصول هذه السيرة الفنية في الحلقة المقبلة، إذ يكشف الغاوي تفاصيل لقائه الأول بالملك الراحل وعلاقته المستمرة بالقصر الملكي.
(يتبع)
