CELEBRITIES- إكرام زايد –
فعلت الجملة التي خاطب بها المنتج القدير حميد العلوي المطربَ الشاب محمد الغاوي، بعد فوزه في مسابقة “أضواء المدينة”، فعلتها في نفسه، ودفعته إلى التفكير فقط في أن تكون انطلاقته الفنية قوية. أما منطوق الجملة فكان: “خاصك تلعبها كبير، حيث اللي بدا كبير كيبقى كبير”، وهنا فهم الشاب الغاوي أن الانطلاقة ينبغي أن تكون مدروسة وكبيرة، من توقيع أسماء بارزة في عالم الكلمة واللحن.
وهذا ما جعله لا يتردد، ذات يوم، في الإجابة على سؤال حميد العلوي بخصوص الأسماء التي يود العمل معها في أول عمل من إنتاج الإذاعة الوطنية، موضحا بأنه يود الغناء من كلمات علي الحداني. حينها ضحك العلوي موضحا للغاوي أن المقابل المادي الذي يطلبه الحداني نظير كلماته مرتفع، وأن الأمر متروك للأيام المقبلة.
كان اختيار الشاب محمد الغاوي لاسم الكبير علي الحداني آنذاك لسبب يكشفه بقوله: “حينما قمت بجرد لأسماء الأغنيات الناجحة في تلك الفترة، وجدت أن غالبيتها تحمل توقيع إما علي الحداني، أو فتح الله لمغاري، أو أحمد الطيب لعلج، أو حسن المفتي”.
في تلك الفترة، كانت بين المنتج القدير حميد العلوي والزجال الكبير الراحل علي الحداني علاقة صداقة متينة، وكان الرجلان يواظبان على عقد لقاءات في العديد من فضاءات العاصمة الرباط، من أبرزها مقهى “باليما” الشهير، الذي شهد أول لقاء جمع الكبير الحداني بالشاب الغاوي.
ولكن، قبل الحديث عن تفاصيل هذا اللقاء الأول، يتوقف الفنان محمد الغاوي عند الدور البارز الذي لعبه المنتج حميد العلوي في تقريب المسافة بينه وبين الراحل الكبير علي الحداني في بداياته، بل ويتحدث بكثير من العرفان والامتنان عن فضل العلوي في إقناع الحداني بالتعامل مع مغنٍّ وملحن شاب في بداية طريقهما الفني، في فترة شهد فيها الحداني بالتألق والوهج الفني، من خلال عشرات الأغنيات المغربية الناجحة التي لا تزال محفوظة في الذاكرة الجماعية للشعب المغربي قاطبة.
يقول الغاوي بهذا الخصوص: “أذكر الدور الكبير الذي لعبه السي حميد العلوي في هذا الباب، حيث عرفني على الراحل علي الحداني، الذي كان يجلس دوما في مقهى باليما وفق طقوس خاصة. لقد كان، رحمه الله، رجلا استثنائيا يفرض على الجميع احترامه؛ فرغم أنه يجلس في مقهى، فإنك تستشعر أنك أمام مكتب وزير لا يمكنك اقتحامه أو تقليص المسافات بينك وبينه بسهولة، كما لا يمكن لأي شخص مجالسته ببساطة، بل إنه لا يقبل إلا بمن أحبه ورضي عنه. لقد كان يجالس المثقفين الكبار، والمسؤولين، والملحنين، والمطربين الكبار، وكان محيطه متميزًا وخاصًا وحميميًا، يصعب على أي أجنبي اقتحامه أو الولوج إلى دائرته إلا بقبول السي علي، رحمه الله”.
واصل الشاب محمد الغاوي سعيه الحثيث للتقرب من الراحل علي الحداني، وحاول بكل ما أوتي من جهد تقليص المسافة بينهما. أما عن كيفية اقتراب هذا المطرب الشاب من الزجال الكبير الحداني، فيروي الغاوي: “كنت مارا بالقرب من مقهى باليما، وبعد أن رأيت العلوي ووهبي والسي علي جالسين، دخلت المقهى واتجهت نحوهم للسلام عليهم، ثم جلست بجانبهم. وكان هذا السلوك قد أزعجهم نوعًا ما، خصوصًا أني حاولت بين الحين والآخر اقتحام أحاديثهم بالحديث مع كل واحد منهم نسبيًا”.
استمر الشاب محمد الغاوي في مجالسة الحداني بمقهى باليما في الرباط، وتمكن تدريجيا من التقرب إليه، إلى أن طلب منه، ذات يوم، أن يمنحه كلمات لأول أغنية يؤديها في مساره الفني.
حينها سأله الحداني عن الملحن الذي سينفذ العمل، فأجابه أنه الملحن الشاب محمد بلخياط، الذي سبق أن لحن أغنية “راجع لي تاني بالأفراح” التي أداها الفنان الراحل عماد عبد الكبير. كان هذا الاقتراح غير مُرضٍ كثيرًا للراحل الحداني، الذي طلب إرجاء الأمر إلى حين، مؤكّدًا ضرورة اختيار ملحن آخر بدل محمد بلخياط، مثل السقاط، أو محمد بنعبد السلام، أو حسن القدميري.
(يتبع)
