CELEBRITIES- إكرام زايد
استضافتها المنشطة الإذاعية خديجة قبلي ذات صباح سبت من سنة 1997، ضمن برنامجها الصباحي المباشر الذي كانت تبثه حينها إذاعة “كازا إف إم” من المعرض الدولي بمدينة الدار البيضاء.
التقطت المعلومة، ولم أكذب خبرا، متوجهة نحو إذاعة “إف إم”، حيث انتظرت إلى حين نهاية بث البرنامج المباشر، للقاء الفنانة الراحلة رجاء بلمليح والمنشطة خديجة قبلي، التي يخبر صوتها كل البيضاويين الأوفياء لإذاعة المعرض الدولي..
فاجأتني رجاء بلمليح بلباقتها ودبلوماسيتها، بعدما قدمت لها نفسي، قائلة إني حضرت لرؤيتها خصيصا بعدما علمت بخبر استضافتها على أمواج الإذاعة.
لم تتردد الراحلة رجاء بلمليح في قبول طلبي بالتقاط صورة، ومع “محبوبة” البيضاويين حينها خديجة قبلي، ومن جهتي لم أكن أعلم أن هذا اللقاء سيشكل بداية للقاءات مستقبلية تمخضت عنها العديد من المقالات الصحفية ..
وتمر السنوات، وألتقي مجددا بالراحلة رجاء بلمليح، بعدما حدد لي ذ.عبد الغفار بنشقرون (كاتم أسرارها والمسؤول عن العلاقات العامة للفنانة) موعدا لإجراء حوار صحفي لفائدة جريدة “الأحداث المغربية”..
وهي المناسبة التي مكنتني من اكتشاف هدوء الراحلة، وحسن إصغائها لمخاطبها، وتميزها بأدب الحوار من خلال تقبل الاختلاف بدبلوماسية لامتناهية، بعيدا عن أي صدامات محتملة. دون إغفال استحضار الراحلة لعدد من الشهادات والمقولات الخاصة بالأدباء والشعراء العرب، في معرض إجاباتها عن مختلف الأسئلة التي وجهتها لها.
وتمر السنوات، وألتقي مجددا الراحلة رجاء حين قدمت لفندق “شيراتون” بالدار البيضاء، حيث كانت تقطن صديقتها الفنانة أصالة نصري، القادمة من أجل إحياء حفل فني كتب له فشل ذريع، لأنه لم يستقطب الجماهير المعول عليها للملعب الرياضي محمد الخامس بالعاصمة الاقتصادية.
ولعل هذا اللقاء كان فرصة جميلة لملامسة الصداقة المتينة التي جمعت رجاء بلمليح بأصالة، وأعلنت عنها في عدة مناسبات.
وتشاء الأقدار أن ألتحق للعمل بيومية “الصباح”، وأقترح ضمن برنامجها الخاص بالشهر الفضيل الاشتغال على سيرة حياة رجاء بلمليح..
أنجز المشروع بمساعدة ودعم كبير من ذ.عبد الغفار بنشقرون، الذي لم يتوان في مدي بكل المعطيات اللازمة لتقديم عمل صحفي يليق بقيمة رجاء بلمليح، والذي خرج في حلته النهائية في 10 حلقات نالت استحسان وإعجاب الفنانة الراحلة.
ولأن الاشتغال الصحفي يقترن بالخبر وبمواكبته، علمت من مصدر خاص حينها أن رجاء بلمليح مصابة بمرض السرطان، وأنها تتلقى العلاج اللازم في مستشفى بالعاصمة الفرنسية باريس..
نزل علي الخبر كالصاعقة. وبعد التأكد من صحته، تصدر قلب الصفحة الأولى لجريدة “الصباح”، وتمت تلاوة نصه في النشرة المسائية للقناة الثانية “دوزيم”، وهو ما جعله ينتشر بين الوسط الفني والجمهور كما تضرم النار في الهشيم.
لم تنته مهمتي الصحفية هنا، لأني حرصت على متابعة مستجدات الوضع الصحي للفنانة رجاء بلمليح عبر ذ. بنشقرون، إلى أن شاءت الأقدار بلقاء جديد جمعني بها حين أقامت النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة بالرباط، حفلا على شرفها بمناسبة شفائها من المرض الخبيث.
ولأن الأعمار بيد الله، فإن رجاء بلمليح أسلمت الروح لبارئها في 02 شتنبر 2007، بعدما داهمها المرض اللعين مجددا على حين غفلة، مخلفة ابنها الوحيد عمر، ورصيدا فنيا متنوعا بين الأغنية المغربية والمصرية والخليجية، وقبلهما سيرة إنسانية فريدة كان لي نصيب وحظ في اكتشاف بعض محطاتها.
رحم الله الفنانة رجاء بلمليح، وإنا لله، وإنا إليه راجعون