• 15:42 2024-04-28

اللقاء الأول بالراحلة أمينة رشيد !!

CELEBRITIES – إكرام زايد

كانت البدايات، وكانت دهشة اللقاء والرغبة في التفوق على الذات وانتزاع ثقة محاورتي هواجسي في محاورة الراحلة أمينة رشيد: فنانة وسيدة من العيار الثقيل..

 سمعت عنها الكثير على لسان والدتي الراحلة، وتخيلت أيضا الكثير عبر رواياتها لي وحديثها عن تمثيلياتها الإذاعية التي لعبتها إلى جانب الراحلين: عبد الرزاق حكم والعربي الدغمي والطيب لعلج وحبيبة المدكوري وغيرهم كثر ممن يذكرهم تاريخ الفن المغربي ..

تأهبت للقاء خاص ومقابلة نوعية في بداية مساري المهني قبل 19 سنة، استفسرت وسألت رؤسائي المباشرين في هيئة تحرير جريدة “الأحداث المغربي”، الأستاذين: الراحل محمد مؤيد وعبد الكريم الأمراني، عما يمكنهما إفادتي به للتسلح لمحاورة الفقيدة أمينة رشيد بعد تحديد موعد اللقاء ببيتها في العاصمة الرباط ..

وجاء الموعد ومعه زاد الارتباك والتخوف، لأن الأمر يتعلق بي أنا الصحفية الشابة التي تضع أولى خطواتها على الطريق، وبمحاورتي تلك الفنانة القديرة التي بصمت بأدوارها الساحة الفنية بشكل محتشم أواسط الخمسينات قبل الانطلاقة الفعلية في الستينات على يد شريك حياتها ورفيق دربها الراحل عبد الله شقرون ..

كان أول ما أثارني في فيلا الراحلة أمينة رشيد، أناقة هندامها وشياكتها في استقبالي ثم حضور كل التفاصيل المغربية التقليدية، من أفرشة وزرابي وديكورات وأكسسوارات، وطريقة حديثها مع مستخدمة البيت خلال قيامها بواجب الضيافة المغربية الأصيلة ..

ومحاولة منها في تذويب ارتباكي، نادت الفقيدة على زوجها الراحل لمجالستنا وتبادل أطراف حديث ممتع عن الإذاعة والمسرحيات والفن والتأليف، استعدادا لشروع تسجيل حوار استغرق مني الوقت الكثير لتحضير محاوره ..

وبعد نهاية التسجيل، عمد الزوجان إلى اصطحابي لزيارة أعز جناح لدى الفقيد شقرون، وهو مكتبه الضخمة التي تضم بين دفتيها كتبا ومراجع من كل العلوم والآداب .. لأجد نفسي مندهشة أمام هذا الكم الهائل من المؤلفات التي تنم عن شغف الرجل بالمطالعة والبحث ..

إلى هنا انتهت مهمتي الصحفية بالشكر والامتنان على هذا اللقاء، وبالعودة من الرباط إلى البيضاء حيث كنت أقطن، مسترجعة كل التفاصيل وأنا على متن القطار، وبداخلي زهو وانتشاء ورغبة في إطلاع والدتي الراحلة على ما جمعني بأمينة رشيد التي حكت لي عنها الكثير ..

وجاءت لحظة صدور الحوار كاملا ضمن الملحق الفني لـ “الأحداث المغربية”، لأفاجأ بعده برسالة بريدية تحمل إسمي تصل مقر الجريدة، ولأندهش بعد فتحها بأنها مصدرها هو الراحلة أمينة ورشيد وزوجها شقرون، شكرا عن الحوار المنشور .. وهنا اختلطت المشاعر بين الاندهاش والزهو وبعض من الغرور الشبابي، لأني لم أتصور للحظة كيف لفنانة كبير أن تتوجه بشكر لي أنا تلك الصحفية المبتدئة ..

رسالة كانت لي بمثابة الدرس البليغ الذي مغزاه أن الشكر والتواضع هما من شيم الكبار، والتشجيع هو خصلة المؤمنين بقدرات الشباب، والمحبة هي زاد الاستمرارية والعطاء ..

رحم الله فقيدي الفن المغربي: عبد الله شقرون وأمينة رشيد، و”إنا لله وإنا إليه راجعون”.

المقالة السابقةالمقالة التالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *